الدوحة- بعد رحلة استعداد امتدت على مدى 12 سنة، تاريخ الظفر باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 ، تدخل قطر سباق الامتار الأخيرة بأمل كسب تحدي التنظيم الجيد لأرقى بطولة عالمية أرادتها ان تكون غير مسبوقة في تاريخ اللعبة الاكثر استقطابا للجماهير، يقينها في ذلك ما وفرته من مشاريع بنية تحتية وما وضعته من خطط لتنظيم هذه البطولة التي تتغيى من ورائها المساهمة في دفع عجلة التطور لتحقيق أهدف التنمية الوطنية، وترك إرث مستدام للدولة، وللمنطقة، وآسيا، والعالم أجمع.
مسيرة الاستعداد التي انطلقت قبل عقد من الزمن ، وسقف الطموحات العالي واليقيني ، رافقتهم أسئلة مشككة في قدرة هذا البلد الخليجي الغني بالثروات الطبيعية ، على تنظيم تظاهرة بهذا الحجم . وفي كل مناسبة ومع كل تصريح مشكك في مدى القدرة على الوفاء بالالتزامات، يخرج القائمون على تنظيم هذا العرس العالمي لتأكيد عزم وإرادة الدولة في جعل أيام المونديال فرصة ليس فقط لمتابعة فرجة كروية فوق مستطيل أخضر، ولكن أيضا مناسبة لاسكتشاف ما وفرته قطر لإرضاء صناع القرار داخل الفيفا من جهة، ولجعل الجمهور الشغوف باللعبة يتابع منتخباته ونجومه في أحسن الظروف وفي أجواء من التعايش والتآخي والاطمئنان من جهة ثانية.
صغر الرقعة التي ستحتضن المباريات والجمهور الذي يتوقع أن يفوق مليون ونصف المليون مشجع ، واحد من التخوفات التي ترددت على أكثر من مستوى، وهو التخوف الذي ردت عليه ،غير ما مرة، اللجنة العليا للارث والمشاريع ،الجهة المسؤولة عن إنجاز مشاريع البنية التحتية وعمليات وخطط الدولة المضيفة اللازمة لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022 ، بالتأكيد على أن الطبيعة المتقاربة المسافات التي تتسم بها البطولة تعد إحدى أبرز مميزاتها، إذ سيكون لها تأثير إيجابي على اللاعبين والمشجعين “فلن يقتصر الأمر على تمكين المشجعين من مشاهدة أكثر من مباراة في اليوم الواحد، بل يتعدى ذلك إلى تجنيبهم عناء السفر الجوي لساعات طويلة لحضور مباريات أخرى كما حدث في نسخ سابقة من بطولات كأس العالم لكرة القدم التي استضافتها بلدان كبرى، حيث تبعد بعض الملاعب آلاف الأميال عن غيرها.
وزادت اللجنة مطمئنة المتخوفين والمشككين ، بأن المشجعين سيتمكنون من السفر والتنقل بسهولة ويسر بفضل استثمارات البنية التحتية الضخمة التي تمت في قطر، والتي تتضمن شبكة مترو حديثة، الى جانب منصة عظيمة تتيح للمشجعين استكشاف المنطقة عبر مطار حمد الدولي الذي يمكنه في أوقات الذروة استيعاب 8700 مسافر في الساعة الواحدة.
كما ان هذه النقطة التي تعتبر بنظر البعض سلبية، ترى فيها اللجنة عكس ذلك من زاوية أن اللاعبين سيكونون الأكثر استفادة من الطبيعة المتقاربة المسافات، نظرا لعدم حاجتهم لتغيير مكان إقامتهم طوال فترة البطولة ولقربهم أيضا من معسكرات التدريب ،وبالتالي الاستمتاع بفرصة الاستعداد بشكل مثالي لخوض مباريات بطولة كأس العالم.
الاقامة من الهواجس التي تشغل بال الراغبين في متابعة هذه البطولة التي تقام لاول مرة في بلد عربي . ولتبديد التخوف قالت اللجنة العليا للمشاريع والارث إنها طرحت مجموعة من الخيارات منها شقق وفلل وفنادق عائمة وقرى مشجعين، الى جانب الفنادق ، مؤكدة أن الاسعار ستكون في المتناول وانها أعدت بحسب الزبناء واختياراتهم وذلك بدءا من 80 دولار لليلة.
وسائل النقل والمواصلات خلال المونديال شكلت من جهتها هاجسا لدى الراغبين في متابعة كاس العالم غير ان اللجنة قالت إنها أعدت العدة لذلك .
ويبقى مترو الدوحة الوصفة السحرية التي أرادتها قطر أن تكون الخيار الأول والامثل للجماهير للتنقل صوب الملاعب وأيضا لحضور الفعاليات والأنشطة المرافقة للبطولة.
وتتكون شبكة مترو الدوحة من 3 خطوط، الخط الأحمر والخط الأخضر والخط الذهبي، وتشتمل على 37 محطة تشكل المرحلة الأولى من مترو الدوحة، ومن المتوقع أن يتم استكمال المرحلة الثانية عام 2026 مع إضافة خط أزرق إلى الشبكة.
ويوفر مترو الدوحة خدمة مميزة للمشجعين الراغبين في حضور أكثر من مباراة في اليوم نفسه خلال كأس العالم، فشبكة الخطوط تربط بين 5 ملاعب، في ظل وجود محطات قرب ملاعب المدينة التعليمية والريان وراس أبو عبود ولوسيل وخليفة الدولي، وتتوفر خدمات النقل إلى الملاعب الأخرى، انطلاقا من أقرب محطة مترو لها.
ومنذ انطلاق عملياته التشغيلية ماي 2019، لعب مترو الدوحة ، تؤكد اللجنة، دورا محوريا في إنجاح استضافة 8 بطولات رياضية كبرى محلية وإقليمية وعالمية، أبرزها بطولة كأس العرب الأخيرة التي كانت بمثابة بروفة مصغرة للمونديال ، وذلك في ظل الإقبال الجماهيري الكبير الذي صاحب البطولة.
الجانب الصحي حاضر في خطط إنجاح المونديال بحيث أعد مسؤولو وزارة الصحة العامة بشراكة مع منظمة الصحة العالمية، مجموعة واسعة من التدابير للتخفيف من أي أخطار محتملة تهدد الصحة العامة، ولضمان سلامة اللاعبين والمسؤولين والمشجعين والسكان طوال البطولة وسط توقعات بأن يزور دولة قطر أكثر من مليون ونصف المليون مشجع لحضور البطولة.
وفضلا عن ذلك فقد حددت وزارة الصحة العامة 13 مرفقا صحيا في القطاع الخاص الى جانب مؤسسات القطاع العمومي لتوفير الرعاية الطبية للحالات العاجلة غير المهددة للحياة خلال بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022 .
وطمأنت الوزارة جمهور كاس العالم بأنها تلتزم وشركاؤها في مجال الرعاية الصحية بدعم تقديم بطولة آمنة وصحية لجميع المعنيين، معربة عن أملها أن يحظى الجميع بتجرِبةٍ ممتعة في قطر لحضور بطولة كأس العالم.
الترفيه والانشطة الموازية تبقى بمثابة حجر الزاوية لانجاح أي تظاهرة ولهذا سطرت الدولة العديد من الفعاليات لجعل الجمهور يتقاسم لحظات فرح تسافر به بعيدا عن ضغط نتائج منتخباته وتفتح له مساحة واسعة للتعارف والالتقاء بالعديد من الاشخاص من جنسيات ومشارب عديدة.
وكان خالد علي المولوي، نائب المدير العام للتسويق والاتصال وتجربة البطولة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، قد اكد في تصريحات سابقة أن جمهور كرة القدم من أنحاء العالم على موعد مع برنامج ترفيهي وثقافي حافل بأنشطة وفعاليات مميزة، تستهدف كافة أفراد الأسرة، خلال كأس العالم .
وقال المولوي إن الفعاليات الترفيهية تنطلق مع صافرة مباراة الافتتاح في 20 نونبر وتختتم مع المباراة النهائية في 18 دجنبر ، مشيرا إلى أن المشجعين سيختبرون تجارب مدهشة عند وصولهم إلى قطر للمشاركة في أكبر حدث رياضي في العالم، والذي يشهده العالم العربي والمنطقة لأول مرة.
ويضم برنامج الفعاليات الترفيهية أكثر من 90 حدثا خاصا منها شاشات كبيرة لعرض المباريات في عدد من المناطق بالدوحة وفي أنحاء البلاد وحدائق المشجعين، ومهرجانات موسيقية، وأنشطة ثقافية إضافة إلى العديد من عروض الشارع الممتعة من حول العالم.
كل هذا وغيره جندت له قطر العدة على الصعيد الإعلامي لتسويقه على أحسن وجه مستعينة بخبرة القنوات الرياضية المعروفة وبتجند وسائل الاعلام المحلية ومعها العربية على الخصوص للمساهمة في إنجاح هذا الحدث العالمي.
اقتربت ساعة الصفر وكل تصريحات المسؤولين تؤكد ان قطر ستكون في الموعد لإنجاح البطولة وجعلها مناسبة لاستكشاف وتسويق ثقافة بلد ، بل ثقافة أمة عربية والمساهمة بالتالي في تغيير الصورة النمطية المترسخة عند اكثر من جهة . فالثقافة كما قال وزير الدولة رئيس مكتبة قطر الوطنية ستكون في “قلب الأضواء وليس خارجها” خدمة لبطولة أجمعوا على أنها ستكون “مبهرة وغير مسبوقة” .